معركة الكرامة الخالدة........

معركة الكرامة الخالدة



قبل 42 عاما، اعترفت اسرائيل بأول هزيمة لها امام الجيوش العربية، بعدما فقدت ما يزيد على 300 قتيل وعددا كبيرا من الاليات، امام بواسل القوات المسلحة الاردنية في معركة الكرامة، ما اضطرها بالتالي لطلب وقف اطلاق النار.


واثبت نشامى الجيش في المعركة التي لم تستمر اكثر من 11 ساعة، وبدأت في السادسة صباحا وانتهت في الخامسة من مساء 21 اذار (مارس) عام 1968، جسارتهم في القتال واعادوا الى باقي الجيوش العربية كرامتها، ورفعوا من معنوياتها بعد هزائم متلاحقة ، ولقنوا بذات الوقت جيش العدو الاسرائيلي درساً لم ينس من ذاكرته للابد.

واستذكر ضابط السرية العميد الركن محمود ابو وندي الذي تولى هجوما معاكسا على قوات العدو، بان معلومات من الاستخبارات العسكرية وردت الى الوحدات العسكرية المرابطة على الواجهة الشمالية والغربية تفيد بحشودات عسكرية اسرائيلية من الجهة الغربية لنهر الاردن وتحديدا من شمال وغرب مدينة اريحا.

وتأكدت المعلومات الاستخباراتية التي وردت للجيش العربي قبل بدء المعركة بيومين، حيث جاءتهم تعليمات عسكرية من القيادة العامة للقوات المسلحة بأخذ مواقع دفاعية محصنة واعلان حالة التأهب تمهيدا لخوض المعركة ، خاصة بعد ان وردت معلومات اخرى ليلة المعركة تفيد ان قوات العدو ستنفذ هجوما على الاردن صباح ذلك اليوم .

في صباح ذلك اليوم اصطدمت قوات العدو التي كانت تعتقد انها "في نزهة" الى الاردن، بقوات الحجاب الدفاعية وقوات المشاة التي كانت بانتظارها على نهر الاردن، ومنعتها من العبور، لدرجة ان احد ضباط المدفعية طلب من زملائه عبر جهاز اللاسكي ان يقصفوه بعد ان لاحظ اقتراب قوات العدو الاسرائيلي نحوه، وذلك حتى ينال الشهادة ويقتل من اقترب منه، وبالفعل حقق له زملاؤه طلبه، وتمكن الجنود المرابطون هناك من الحاق خسائر جسيمة في صفوف العدو.

ويقول العميد ابو وندي، لقد نجحنا في منع القوات الاسرائيلية من عبور جسر الامير محمد والوصول الى مثلث داميا وكذلك الامر بالنسبة لجسر الامير عبدالله، "كما كان يطلق عليه انذاك"، فلم تتمكن القوات الاسرائيلية العبور الا من خلال جسر الملك حسين وبغطاء جوي من سلاح الجو الاسرائيلي.

ولدى وصولهم مثلث الرامة انقسموا الى ثلاثة ارتال عسكرية احدها توجه يسارا نحو الكرامة ليتلاقى مع انزال مظلي اسرائيلي اجري مسبقا هناك، واخر انعطف نحو منطقة الكفرين الرامة ليشتبك مع سرية كان يقودها مدير الامن العام السابق فاضل علي فهيد، اما الرتل الثالث وهو الرئيسي فقد توجه للمقاتلة مع الدفاعات الرئيسية في الشونة الجنوبية، الا انه فوجئ بمقاومة عنيفة من قبل المدفعية وجنود المشاة، جعلت العدو يتقهقر نتيجة الخسائر الفادحة التي وقعت في جنوده.

وحسب ابو وندي كان هدف المعركة احتلال المرتفعات الشرقية لوادي الاردن، ووضع الاردن في مفاوضات القصد منها منعه من استغلال وادي الاردن، واملاء شروط سياسية اخرى عليه.

وينهي حديثه "لقد تمكنا من اجبار العدو على الانسحاب بعد ان طلب وقف اطلاق النار نتيجة الخسائر الفادحة التي الحقت به، جراء شجاعة جنودنا وقتالهم بشراسة ومعنوياتهم المرتفعة".

ويستذكر سائق الدبابة محمد سالم الحديد الذي كان برتبة جندي اول انذاك انطلاقة المعركة في الصباح الباكر ودخول قوات العدو من جسر الملك حسين ثم انطلقت باتجاهين، الاول نحو الكرامة والمثلث المصري والثاني نحو منطقة الكفرين والرامة.

واضاف كانت توجد فئات خلفية واخرى امامية للدبابات، والمدفعية كانت متمركزة خلف الكفرين والرامة والجوفة، بانتظار العدو الاسرائيلي لتلقنه درسا موجعا.

ويقول "انطلقت قوات العدو لمواجهة قواتنا الخلفية"، مشيرا الى ان "القوات الامامية التي كنت احد جنودها قصفت ناقلات الامداد الاسرائيلي عبر جسر الملك حسين وكانت محملة بالذخيرة، والاسلحة والطعام والمشرب، وتمكنا من النيل منها بعد ان دمرناها بالكامل".

واضاف لقد تمكنت القوات الخلفية من محاصرة القوات الاسرائيلية عند "قهوة حنا"، حيث استمرت الاشتباكات بالمدفعية وبقي الجيش الاسرئيلي محاصرا في الوادي، ثم انضم للقوات الخلفية لواء 60 من الجيش العربي، الامر الذي دعا جيش العدو للانسحاب بعد ان خسر مجموعات كبيرة من القتلى .

وفي منطقة الشونة تم تدمير ناقلة وثلاث دبابات وتم نقلها الى عمان لبيان الهزيمة الاسرائيلية وكان احد الجنود الاسرئيليين مقتولا في داخل الدبابة.

وبين الجندي المتقاعد الحديد دور الفصائل الفلسطينية في منطقة الكرامة ، عندما جرى اشتباك بالسلاح الابيض بينهم وبين قوات العدو، اسفر عن سقوط قتلى من القوات الاسرائيلية وشهداء من المقاومة الفلسطينية والقوات المسلحة.

ولفت الى المقاومة من ابناء العدوان وابناء العشائر في تلك المنطقة ضد القوات الاسرائيلية وكانوا يزودون القوات المسلحة بالطعام والماء.

ويقول سائق الدبابة الجندي الرقيب عطيوي المناصير الذي كان سائق دبابة تعود لسرية مدير الامن العام السابق فاضل علي فهيد، والذي كان برتبة نقيب انذاك .

يقول "منعنا قوات العدو من الدخول من جهة اريحا، ثم ردوا على قواتنا بضرب "تل الرامة" الذي كنا متواجدين فيه حيث استشهد اثنين من رفاقي الجنود واحدهما الجندي (احمد سالم) اضافة الى اصابة قائد السرية النقيب فاضل علي فهيد الذي اصيب بشظية في بطنه، وسقطت فيها امعاؤه حيث تم اسعافه على الفور الى المستشفى".

ويصف الرقيب عطيوي قائد سريته الفهيد بانه كان "قائدا جسورا" وتمكن من اعاقة تقدم دبابات العدو.

واشار الى ان احدى الدبابات وبالتعاون مع المدفعية تمكنت من محاصرة القوات الاسرئيلية، وقال "قمنا بطردهم من خلال القوات الامامية بعد ان الحقنا بهم خسائر بالارواح والاليات العسكرية".

وفي منطقة الكرامة جرى اشتباك بين العدو والفصائل الفلسطينية التي ابلت بلاء حسنا، وفق عطيوي، الذي قال انه "بالرغم من محاولات العدو مساندة مقاتليه في الكرامة الا ان الملازم اول شهاب ابو ندي الذي كان قائد فئة على مثلث المصري انذاك تمكن من اعاقة تقدمهم نحو الكرامة".





معركة الكرامة الخالدة